نبدأ من جديد بقول المسيح للرسل، لمـَّا أرسلهم "ليبشِّروا بملكوت الله". قال لهم: كونوا أحرارًا من كلّ شيء. "لَا تَأخُذُوا مَعَكُم لَا كِيسًا وَلَا مِزوَدًا وَلَا عَصَا" (راجع لوقا:9: 3-4). أي لا تهتمّوا للمال. ولا تطلبوا حماية. ولا تهتمّوا للمؤونة، "أَيَّةَ مَدِينَةٍ دَخَلْتُم وَقَبِلُوكُم كُلُوا مِمـَّا يُقَدَّمُ لَكُم" (لوقا 10: 8). ولا تتوقَّفوا في الطريق. "لَا تُسَلِّمُوا فِي الطَّرِيقِ عَلَى أَحَد"(لوقا 10: 5). أي: ظلُّوا مهتمّين فقط لرسالتكم، أي تبليغ كلمة الله. ولا تتلهّوا عنها بشيء، لا بسلام على الطريق ولا بغيره ممّا يمكن أن يحوِّلكم عمـَّا أُرسِلتُم إليه. لا تنسوا الهدف: علِّموا واشفوا وارحموا الناس، وعلِّموهم الرحمة.
وقال أيضًا: لا تهتمُّوا لشؤون هذه الأرض. "اطلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ الله وَبِرَّهُ وَالبَاقِي كُلُّهُ يُزَادُ لَكُم" ( متى 6: 33).
كلّ هذا الكلام يعني أنّ الرسول يجب أن يبقى إنسانًا حرًّا من كلّ القيود، من المال، حرّا من الحاجة إلى الحماية (لا تحملوا عصًا). حرًّا من كل رباط بالناس (لا تسلّموا في الطريق على أحد). الرسول إنسان حرٌّ، وقيدٌ واحد يقيِّده ويأمره، تبليغ كلمة الله.