انتشرت في الآونةالأخيرة موضة جديدة في شوارع مئة شعاريم إذ بدأ العديد من الرجال اليهود المتدينين بارتداء نظارات بمواصفات خاصة. تشوش هذه النظارات الرؤية وتعين الرجال على السير في الطريق دون النظر إلى النساء. ويستطيع الرجل الذي يرتديالنظارات أن يرى حتى ثلاثة امتار فقط وبصورةضبابية فيضمن عدم إثارة الشهوة وعدم النظرإلى الجنس اللطيف. ويستطيع أن ينظر إلى الأرض بوضوح عبر ثقوب خاصة ولكنه لا يستطيع أن ينظر إلى الأمامإلا بصورة ضبابية. ثمن هذا الاختراع الجديد هو 25 شيقل فقط. وإن كنت تلبس نظارات نظرفلا تخف لأنك تستطيع أن تشتري لاصقة تضعها على النظارة وثمنها بضع شواقل.
هذا التوجه غير صحي. أولا،يحاول اليهود المتدينين تحاشي الشهوة وخطية الزنى بكل طريقة ممكنة. ربما دوافعهم صحيحة ولكن وسائلهم فاشلة إذ لا تكمن المشكلة بالنظر وحده بل أيضا بطبيعة البشرالساقطة وبالثقافة والفكر. فحتى لو قلعنا عيوننا لن نتخلص من العثرة. فالمشكلة الحقيقة تكمن في القلب وفي هويةالإنسان. نحن خطاة ليس لأننا نخطئ بل نخطئ لأننا خطاة. بكلمات أخرى، نحن مولودونبالطبيعة الخاطئة (الخطيئة الأصلية) وسلوكنا الخاطئ هو تعبير عن طبيعتنا الخاطئة.لا يكمن الحل بتغيير السلوك بل بتغيير الطبيعة. تتغير طبيعتنا بصورة معجزية إذنُولد من الروح ونحصل على فكر المسيح ويعمل الله في شحذ ارادتنا فنريد المسرةونعمل في سبيل رؤية ابتسامة الله.
ثانيا، يحتاج مجتمعناإلى تغيير ثقافتنا فلا نرى المرأة كأنها عثرة أو شيطانا جنسيا يحاول أن يوقعنابالفخ. المرأة كائن مخلوق على صورة الله وهي بركة ونعمة. وحتى الجنس هو نعمة وبركةإلا أن الشهوة هي المشكلة. ولا ترتبط الشهوة بالطبيعة الخاطئة فحسب بل ايضابالثقافة والتربية غير الصحيحة. فإن كانت الشهوة غذائنا اليومي نلتهمها ونبلعسمومها في الأغاني والتلفزيون والانترنت والأحاديث الشبابية الفاسدة فعندئذ نحصدما نزرعه. أما إن تبنينا ثقافة وتربية متناغمة مع قيم المسيح التي تعلّي من شأنالمرأة كخادمة للرب ونور للمجتمع واساس للبيت الصحيح والمجتمع الناجح فعندئذ لننقبل الثقافات المحيطة بنا التي تجعل المرأة سلعة جنسية إما أن نشتهيها أو أن نكرههاونتحاشاها. يقدم المسيح طريقا ثالثا إذ يرى المرأة بركة نثمنها ونفرح بولادتهاونحزن كل مرة يتم تهميشها أو تقزيمها أو تصويرها كمرض اجتماعي يجب أن نتحاشاه.
بإيجاز، لا شك أنالحشمة ضرورية ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في الطبيعة الخاطئة وفي الشهوة. ويحتاج المجتمع إلى صوت يعلّي من شأن المرأةويحارب الحلول السطحية التي تريد إما أن تعرّي المرأة أو أن تلبس كل خلية من جسدهاأكواما من الثياب لتختفي عن الوجود. اؤمن أن السيد المسيح يقدم حلا أفضل من الحلولالتي يقدمها المجتمع الاسرائيلي او الفلسطيني. فالمرأة هي روح ونفس وجسد. ولانستطيع أن ننظر إلى الجسد فقط وننسى مساهمة المرأة الفكرية والروحية وحاجة المجتمعإلى احترام وتقدير المرأة. هذا هو طريق المسيح الذي يثمن كل امرأة ويحترم كلكيانها ويقدرها ككائن مساوي للرجل ومشارك في بناء ملكوت الله. ونحن لا نريد أن نحجب نظرنا عن المرأة بل نريدأن نتحاور رجالا ونساء لنبني معا مجتمعا افضل نحيا فيه باحترام وتقدير ومودةمتبادلة. وليست المشكلة الحقيقية عثرة العين بل فشل القلب والفكر في معرفة قلبالله وفكره.
القس حنا كتناشو
wissamhanna74@gmail.com