عبر مؤسس رهبنة دير مار موسى الأب باولو دالّوليو عن قناعته بأن موقف الكنيسة في سوريا شهد تطوراً هاماً خلال مسار الأحداث التي تشهدها البلاد منذ عام ونصف، مشيراً إلى أهمية العمل الذي يقوم به المسيحيون ميدانياً في مجال مساعدة مواطنيهم الذين تعرضوا للتهجير أو الإصابة جراء العمليات العسكرية في أكثر من منطقة في البلاد
وأشار الأب دالّوليو أن المسيحيين يقدمون المساعدات الطبية والإغاثة للأشخاص الذين تعرضت قراهم ومدنهم للتدمير وتضررت مصالحهم جراء الصراع، "هذا على المستوى الشعبي، وهي حالة تعزز التعاضد بين المسيحيين وباقي إخوانهم في المواطنة، أما على المستوى الكنسي الرسمي، فنرى نماذج مختلفة من رجال الدين، فمنهم من إنحاز كلياً للنظام الحاكم، ومنهم من لزم الصمت، والصمت في هذه الحالة ليست علامة رضا، بل هو موقف بحد ذاته"، حسب قوله
وكان الأب دالّوليو إيطالي الجنسية، سوري الهوى، يتحدث في مقابلة أجرتها معه وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء خلال زيارته الحالية لبروكسل، حيث من المقرر أن يقدم مداخلة أمام البرلمان الأوروبي ويشارك في العديد من التظاهرات الرامية لدعم الشعب السوري
وأضاف أن ما ينطبق على رجال الدين المسيحيين ينسحب على المسلمين أيضاً، فمواقفهم مختلفة مما يجري، "الصامت منهم بطل والمتكلم عبد"، كما قال
وحول رسالته إلى الأوروبيين، أشار الأب دالّوليو أنه يريد أن يشرح لمن سيلتقيهم من نواب ومسؤولين، أن من حق السوريين الحصول على أدوات للدفاع عن النفس ضد العنف، مؤكداً على ضرورة وجود قوات من الأمم المتحدة على الأراضي السورية لتساهم في منع المجازر، خاصة في المنطقة التي يجتازها نهر العاصي غرب البلاد،"حينها يتمكن السوريون أن يقرروا مستقبل بلدهم بحرية وأن يستعيدوا حقوقهم"، وفق تعبيره
وأوضح أنه على وعي بمخاوف السوريين المختلفة، مشيراً إلى أنه يخشى أن تنجح الثورة دون أن تضع حداً للحرب بسبب مواقف بعض المجموعات
وردا على سؤال عن سبب عدم استمرار سلمية الحراك الشعبي ولجوء فئة هامة من المعارضين إلى حمل السلاح، عبر الراهب اليسوعي عن قناعته بأن العنف الشديد وضع الناس في مأزق وأجبرهم على التوجه إلى السلاح دفاعاً عن أنفسهم وعائلاتهم وأرزاقهم، "أما ما يقال عن ضرورة التمسك باللاعنف رغم شدة القمع، فالأمر لم يكن ممكناً برأيي، إذ يحتاج إلى ثقافة مختلفة غير موجودة للأسف عند كثير من السوريين، وذلك بسبب ما تربوا عليه خلال عقود من خوف وعنف وقمع"، حسب رأيه
وأطلق الأب دالّوليو نداء إلى أبناء الطائفة العلوية في سورية، قائلا "رجائي من العلويين في الجبال أن يعلنوا سقوط النظام وإنضمامهم للثورة، دون الحاجة لدخول أفراد الجيش الحر إلى مناطقهم، ليتمكنوا بعدها من العمل مع باقي السوريين وبشكل دستوري على ضمان حقوقهم وكذلك حقوق باقي الأقليات في البلاد"، والكلام على عهدة قائله
ووجه الأب اليسوعي إنتقادات لاذعة للنظام السوري، واصفاً موقفه بالطائفي والفئوي، مشيراً أن تصرفاته ومواقفه شجعت تنظيم القاعدة على أن ينشط مؤخراً في سورية، "جاء الأفراد التابعين للقاعدة إلى سورية يحملون أجندتهم الخاصة، وهي بعيدة كل البعد عن الديمقراطية، ولا علاقة لها بالحراك السوري"، على حد وصفه
يذكر أن الأب دالّوليو كان طُرد قبل عدة أشهر من قبل السلطات الرسمية في سورية، بسبب تبنيه الصريح لمواقف الثوار
وجاء قرار دمشق ليضع حداً لإقامة دامت 30 عاماً في سورية، كرسها الأب دالّوليو، حسب ما يروي هو نفسه، لخدمة المصالحة الوطنية والوفاق في هذا البلد